اختيار
الصديق ( لابن المقفع )
الكاتب : -
أبو محمد عبد الله بن
المقفع من كتاب العصر العباسى الأول صاحب الأصول الفارسية .
القضية : -
يعالج النص قضية اجتماعية و هى الصداقة و منزلتها السامية و شروط اختيار الصديق .
النص : -
اجعل غاية تشبثك فى مؤاخاة من تؤاخى و مواصلة من تواصل توطين نفسك على أنه لا سبيل
إلى قطيعة أخيك – و إن ظهر لك منه ما تكره فإنه ليس كالمملوك تعتقه متى شئت أو
كالمرأة التى تطلقها إذا شئت ولكنه عرضك و مروءتك فإنما مروءة الرجل إخواته و
أخدانه فإن عثر الناس على أنك قطعت رجلا من إخوانك وإن كنت معذراً نزل ذلك عند
أكثرهم بمنزلة الخيانة للإخاء و الملال فيه و إن أنت مع ذلك تصبرت على مقاربة على
غير الرضى عاد ذلك إلى العيب و النقيصة .
فالاتئاد الاتئاد ! و التثبت التثبت !ٍ
و إذا نظرت فى حال من ترتئيه لإخائك فإن
كان من إخوان الدين فليكن فقيهاً غير مراء و لا حريص و إن كان من إخوان الدنيا
فليكن حراً ليس بجاهل و لا كذاب و لا شرير و لا مشنوع – فإن الجاهل أهل أن يهرب
منه أبواه وإن الكذاب لا يكون أخا صادقاً لآن الكذب الذى يجرى على لسانه إنما هو
من فضول كذب قلبه و إنما سمى الصديق من الصدق و قد يتهم صدق القلب و إن صدق اللسان
فكيف إذا ظهر الكذب على اللسان و إن الشرير يكسبك العدو و لا حاجة لك فى صداقة
تجلب العداوة و إن المشنوع شانع صاحبه و اعلم أن انقباضك عن الناس يكسبك العداوة و
أن انبساطك إليهم يكسبك صديق السوء و سوء الأصدقاء أضر من بعض الأعداء فإنك إن
واصلت صديق السوء أعيتك جرائره و إن قطعته شانك اسم القطيعة و ألزمك ذلك من يرفع
عيبك و لا ينتشر عذرك فإن المعايب تنمى والمعاذير لا تنمى .
المفردات : -غاية
: نهاية و هدف ج غاى ، غايات تشبثك
: تمسكك × تفريطك و تركك توطين : حمل
المرأة : ج النساء مروءتك : كمال الرجولة الانسانية أخدانه : أصحابه م خدن عثر : اصلع
الملاك : الملك × الشغف مقارته : البقاء معه و الاطمئنان إليه النقيصة : الخصلة الدنيئة
الاتئاد : التمهل التثبت : الفحص و التأنى و المشاورة ترتئيه : تراه
مراء : منافق × صادق الدنيا : ج الدنا المذكر الأدنى مشنوع : مشهور بالقبح أهل : أحق
فضول : زيادة تجلب : تكسب شانع
: فاضح × ساتر انقباضك : ابتعادك
انبساطك : تساهلك تنمى : تذيع جرائره : جناياته م جريرة شابك
: عابك × زانك
يرفع : يذيع المعايب : العيوب م المعابة × المحاسن
الشرح : -
احمل نفسك على مواصلة صديقك و عدم هجره مهما فعل فهو ليس عبدك تحرره متى شئت و ليس
زوجتك تطلقها و تهجرها متى أردت .
شرف الرجل و انسانيته يتمثل فى تمسكه
بأصحابه عن الرضا و اقتناع لأن هجر الصديق خيانة للصداقة و ملك
فيها مهما كانت الأعذار و الصبر على
الصديق و التمسك به بلا رضا عنه يعد عيباً التأنى و التمهل فيها عند اختيار الصديق
و تحمل مسئوليات الصداقة أمر ضرورى .
إذا كان الصديق من أهل الدنيا يشترط أن
يكون حر النفس – غير جاهل – فالجاهل يضر الآخرين مما ينفرهم منه و أولهم والداه –
غير كذاب لأنه لن يكن صادقاً فى صداقته و أخوته فكذب لسانه نابع من كذب شعوره –
غير مشتهر بالشر فلا يعاديك الآخرين – غير معروف بالقبح و النقائص فلا يفضحك و
ينقص من قدرك .
اعتزالك الناس و تجنبهم و انطواؤك عنهم
ينفرهم منك و يعادونك و تبسطك و تساهلك معهم يكسبك أصدقاء السوء و هم أكثر ضرراً من
أعدائك فإذا تمسكت بصديق السوء ضجرت من مصائبه و عابك بين الناس أما إذا هجرته عبت
نفسك و اتهمت بالخيانة و التصقت بك مهما كانت معذوراً فالعيوب تذيع و الأعذار لا
تذيع ولا تنتشر.
مواطن الجمال : -
الصور البيانية : -
( غاية تشبثك فى مؤاخاة من تؤاخى ) استعارة مكنية حيث شبه المؤاخاة ثوباً نتشبث به
.
( توطين نفسك ) استعارة مكنية حيث شبه
النفس بالإنسان يوطن. ( لا
سبيل إلى قطيعة أخيك ) استعارة مكنية حيث شبه القطيعة بإنسان له طريق . ( ظهر لك منه ما تكره ) استعارة مكنية حيث شبه
المكروه بشئ مادى يظهر . ( عثر الناس
على أنك قطعت ) استعارة مكنية حيث شبه القطيعة بشئ مادى نعثر عليه .
( الخيانة للإخاء ) استعارة مكنية حيث
شبه الإخاء بإنسان يخان . ( نظرت فى
حال ) استعارة مكنية حيث شبه الحال بشئ مادى ينظر إليه . ( الكذب يجرى على لسانه )
استعارة مكنية حيث شبه الكذب بماء يجرى ( يتهم صدق القلب ) استعارة مكنية حيث شبه
الصدق بإنسان يتهم . ( ظهر الكذب على
اللسان ) استعارة مكنية حيث شبه الكذب بشئ مادى يظهر . ( صداقى تجلب العداوة ) استعارة مكنية حيث شبه الصداقة بإنسان يجلب
العداوة . ( أعيتك جرائره )
استعارة مكنية حيث شبه الجرائر بإنسان يتعب
.
( شانك اسم القطيعة ) استعارة مكنية حيث
شبه اسم القطيعة بإنسان يشين .
( يرفع عيبك ) استعارة مكنية حيث شبه
العيب بشئ مادى ينشر .
( المعايب تنمى ) استعارة مكنية حيث شبه
المعايب بشئ مادى يذيع . ( ليس كالمملوك )
تشبيه منفى للصديق بالمملوك و نلوم على الكاتب هذه الصورة . ( كالمرأة تعتقها متى شئت ) تشبيه منفى للصديق
بالمرأة و لنلوم على الكاتب أيضاً هذه الصورة . (
لكنه عرضك ) تشبيه للصديق بعرض الرجل . ( نزل ذلك بمنزلة الخيانة للإخاء ) تشبيه
بالقطيعة بالخيانة فى المنزلة . ( أهل أن
يهرب منه أبواه ) كناية عن شدة حمقه
المحسنات البديعية : -(
مؤاخاة من تؤاخى- مواصلة من تواصل ) ازدواج و ترادف . ( مملوك و تعتقه ) طباق
( إخوانه و أخذانه ) جناس ناقص . ( مواصلة و قطيعة ) طباق . ( العيب و النقيصة ) ترادف .