مصر بشكل خاص. ومن المدن المهمة في هذا المجال الغردقة، وهي أكبر المدن الواقعة على الساحل الغربي للبحر الأحمر، جنوبي مدينة السويس، وتشتهر بثرواتها الطبيعية من رمال غنية بعناصر معدنية يتداوي بها راغبو السياحة العلاجية. وتنتشر هناك منتجعات ومراكز العلاج الطبيعي كمركز “أنا أصلان” والذي ذاعت شهرته في علاج أمراض الشيخوخة وضعف الأعضاء الناتج عن تقدم السن والاكتئاب النفسي والتهاب وتيبس المفاصل ومرض الشلل الرعاش وأعراض سن اليأس عند السيدات وانسداد الشرايين، ويرجع تسميته وشهرته إلى العالمة الرومانية الأصل “أنا أصلان”.
وأما سفاجا فهي تقع جنوب مدينة الغردقة وتتبوأ المرتبة الأولى من حيث أهميتها في مجال السياحة العلاجية بالنسبة لمصر، ككل خصوصاً في علاج الأمراض الروماتيزمية ومرض الصدفية.
مدرسة علاج الصدفية
إن اكتشاف علاج مرض صدفية الجلد جاء بالمصادفة، كما ذكر لنا الدكتور هاني الناظر أستاذ الأمراض الجلدية، ورئيس المركز القومي للبحوث، الذي قال إنه في أواخر الثمانينات رصد المسؤولون بمنطقة البحر الأحمر ظاهرة ملفتة للنظر حيث لاحظوا أن العديد من القادمين للسياحة في خليج سفاجا لممارسة هوايات الغوص، ويعانون من مرض الصدفية الجلدية، قد اختفى المرض من أجسامهم بعد قضائهم فترات تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بهذه المنطقة. وقد نقل المسؤولون هذه الملاحظة لوزارة البحث العلمي لدراستها. وقام فريق طبي متخصص من أساتذة المركز القومي للبحوث في أوائل التسعينات بدراسة لكشف أسرار هذه الظاهرة الفريدة، وانتهت الدراسة إلى أنه من بين تعداد سكان المنطقة، والبالغ عددهم حوالي 45 ألف نسمة لم تسجل حالة صدفية واحدة.
ويوضح الدكتور هاني الناظر أن المقصود بالاستشفاء البيئي هو استخدام عوامل بيئية معينة لعلاج مرض معين دون استخدام أية أدوية أو كيماويات على الإطلاق، لذلك كان العلاج يتضمن استحمام المريض في مياه خليج سفاجا عالية الملوحة ثم التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية في الصباح الباكر وقبل الغروب يومياً.
لماذا سفاجا… دون غيرها؟
عيون لها خصائص علاجية
وفي محافظة جنوب سيناء، الواقعة ما بين خليجي السويس والعقبة، ينتشر الكثير من العيون المائية المعدنية الحارة، مثل “حمام فرعون” و “حمام موسى”، وكلاهما يتميز بخصائص علاجية متفردة نظراً لاحتواء مياههما على عنصر الكبريت.
وبتحليل هذه المياه من حيث خواصها الكيمائية والبكتريولوجية الطبيعية ثبت صلاحيتها وفعاليتها الفائقة القدرة في علاج أمراض كثيرة، مما شجع بعض المستثمرين إلى إقامة منتجع صحي سياحي متميز يقصده السياح من مختلف دول العالم، وهو يضم قرية سياحية ومركزاً للعلاج البيئي.
وفي حلوان عيون معدنية وكبريتية لا تضاهيها أية عيون أخرى، وتمتاز بأعلى درجات النقاء حيث يستفاد منها في علاج الأمراض. وتضم حلوان مركزا كبريتيا للطب الطبيعي ولعلاج الأمراض الروماتيزمية والآلام. ويقوم المركز بعلاج الأمراض الجلدية وتيبس المفاصل والكسور العظمية الملتئمة بطريقة خاطئة، كما أنه يعالج القصور المزمن بالدورة الشريانية للأطراف والتهاب المبيضين التي (الذي) ينجم عنها (عنه) العقم والسمنة المفرطة المرضية.
الواحــات
ومروراً بمحافظة الجيزة تأتي الواحات البحرية والتي يجري إعدادها في الآونة الأخيرة لتصبح أكبر امتداد سياحي طبيعي للقاهرة الكبرى حيث تعج بالعديد من ينابيع وأماكن السياحة العلاجية، مما يؤهلها لكي تصبح من أهم المنتجعات العلاجية على مستوى العالم وذلك بفضل مناخها الجاف المعتدل وشمسها الساطعة طوال العام خصوصاً منطقة “عيون حلفا”.
وأما سيوة
التي تقع في غرب البلاد فهي تحتل موقع الصدارة بالنسبة للسياحة العلاجية والاستشفاء الطبيعي. وبالإضافة إلى نقائها البيئي واعتدال جوها، فإن كثبانها الرملية وعيون المياه المتواجدة فيها جعلها بحق لؤلؤة الصحراء الغربية.
وإلى الجنوب الشرقي من واحة سيوة يقع “جبل الدكرور” ولهذا الجبل أهمية علاجية كبرى لأهالي المنطقة وذلك للاستشفاء من الأمراض الروماتيزمية وآلام المفاصل وعلاج الضعف والوهن والهزال الذي قد يصيب جسم الإنسان. ومن الطريف أن بعض الذين يعانون من تلك الأمراض يلجؤون أحياناً إلى أهالي هذه المنطقة فيعالجونهم بطمر الجسم بالرمال ويسمى هذا العلاج “العلاج بالدفن”، وهو يجري لفترة بين ربع ونصف ساعة يومياً على امتداد أسبوعين في أشهر الصيف وأثناء ساعات محددة بالنهار. وقد اشتهر هذا النوع من العلاج البيئي حتى صار مقصداً للسياح.
وهناك عدد من المواقع العلاجية في محافظة الوادي الجديد والتي تحتل نسبة 67% من مساحة صحراء مصر الغربية، وتتميز بمناخها الجاف الذي يكاد يخلو من الرطوبة، وتنتشر في هذه المحافظة الرمال الناعمة والأعشاب والنباتات الطبية وينابيع المياه والآبار التي تحتوي على عناصر معدنية عظيمة مثل الكبريت والكالسيوم والمغنسيوم والحديد، وتصل درجة حرارة مياهها إلى 43 درجة مئوية.
وتنتشر في محافظة الوادي الجديد مجموعة من النباتات والأعشاب التي تستخدم في الاستشفاء كنبات العشار والكركديه والنعناع والدمسيسة والتي يتم استخدامها في علاج الروماتيزم ونبات النعناع والذي يستخدم في علاج المغص وأمراض الجهاز الهضمي، والأجليج ( بلح السكر) ويستخدم في علاج مرض السكر، والحنظل ويستخدم في العلاج الموضعي لبعض الآلام الروماتيزمية بتسخين الثمرة وتقطيعها إلى نصفين ووضعها على موضع الألم.
وتشتهر الواحات الخارجة بآبار المياه العميقة، وتبلغ درجة حرارتها 28 درجة مئوية. ومنها “آبار بولاق” ومجموعة “آبار ناصر” ولها (التي لها) خصائص علاجية. ونجد الميزات ذاتها أيضا في الواحات الداخلة، وفي محافظة أسوان والتي يطلق عليها زهرة الجنوب (والتي تعد) من أعظم المنتجعات الشتوية العلاجية على مستوى العالم، وكذلك “جزيرة إلفنتين”، و”جزيرة إيزيس”.
وهكذا نرى أن مصر تزخر بأرقى أماكن الاستشفاء العالمية، وكيف أنها احتلت موقعاً متميزاُ في مجال السياحة العلاجية وأصبحت مقصداً لراغبي الاستشفاء من كافة بقاع الأرض